ولد رئيس السلفادور، ناييب بوكيلي، في 24 يوليو 1981 في العاصمة سان سلفادور، حيث ينتمي إلى خلفية عائلية ثرية ومتنوعـة دينيًا وثقافيًا، فوالدته أولغا أورتيز تنتمي للكنيسة الكاثوليكية، في حين أن والده أرماندو بوكيلي قطان، رجل أعمال من أصول فلسطينية، كان يقود الجمعية العربية الإسلامية في السلفادور.
نشأ بوكيلي في بيئة نخبوية، وترك دراسته الجامعية في القانون في سن الـ18 ليتفرغ لأعمال العائلة.
تولى منصبه كرئيس للسلفادور عام 2019، بعد أن كان أصغر عمدة للعاصمة، ثم أصغر رئيس منتخب في تاريخ أمريكا اللاتينية.
كسر هيمنة الحزبين التقليديين في السلفادور، وأسس حزب “أفكار جديدة”، الذي اكتسح الساحة السياسية بخطاب شعبوي ووعود بالقضاء على الفساد والعنف.
رئيس السلفادور وخطته الحديدية لمواجهة العصابات
بمجرد وصوله للسلطة، أطلق رئيس السلفادور خطة أمنية صارمة سماها “السيطرة الإقليمية”، استهدفت الجماعات الإجرامية التي لطالما أرعبت الشعب السلفادوري.
وسرعان ما تراجعت معدلات الجريمة بحسب ما أعلنت الحكومة، لكن منظمات حقوق الإنسان أعربت عن قلقها من الإجراءات القمعية، ومنها الاعتقالات الجماعية والقيود على الحريات المدنية.
مع تصاعد العنف في مارس 2022، حصل بوكيلي على تفويض واسع بتعليق الحقوق الدستورية، واعتقال المشتبه بهم دون أمر قضائي، ومراقبة الاتصالات الخاصة.
وقد أسفرت هذه الحملة عن سجن نحو 75,000 شخص حتى أوائل 2024، وهو ما يمثل نحو 1٪ من سكان البلاد.
رغم هذه السياسات المثيرة للجدل، فإن شعبية رئيس السلفادور لم تتراجع، بل حصد في انتخابات فبراير 2024 نحو 85% من الأصوات، في مشهد وُصف بأنه تأكيد على “الديكتاتورية المنتخبة”.
تحالف ناري.. رئيس السلفادور وترامب
في 14 أبريل 2025، استقبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب نظيره السلفادوري في البيت الأبيض، في لقاء وصفه مراقبون بأنه تكريس لتحالف بين اثنين من أكثر الزعماء إثارة للجدل في العالم.
خلال الاجتماع، أشار ترامب إلى رئيس السلفادور بوصفه “رجل يعرف كيف يفرض النظام”، فيما أكد بوكيلي أن السلفادور “تشارك الولايات المتحدة ذات الرؤية في مواجهة الجريمة والمهاجرين غير الشرعيين”.
ركز اللقاء بين الزعيمين على التعاون في ملفات الهجرة، لا سيما ضبط الحدود وتعزيز الترحيل، وكذلك تبادل الخبرات في مجال إنفاذ القانون.
وألمح الزعيمان إلى بناء نظام مشترك للمراقبة الإلكترونية والذكاء الاصطناعي لملاحقة الشبكات الإجرامية.
وقد وصف مراقبون هذا اللقاء بأنه “تحالف غير مكتوب” بين اثنين من رموز اليمين الشعبوي، يعكس تقاربًا أيديولوجيًا في النهج الأمني الصارم والانحياز إلى الحكم التنفيذي بعيدًا عن سلطة المؤسسات التقليدية.
البيتكوين، الإعلام، والسيطرة على السردية
لم يكتف رئيس السلفادور بالحملات الأمنية، بل فاجأ العالم في 2021 بإعلانه جعل عملة “البيتكوين” قانونية، في خطوة أثارت دهشة الاقتصاديين وشكوك المؤسسات المالية.
هذه الخطوة وضعته على خريطة الابتكار التكنولوجي، لكنها أيضًا زادت من القلق بشأن شفافية السياسات الاقتصادية في بلاده.
وبفضل سيطرته شبه الكاملة على المؤسسات التشريعية والقضائية، تمكن رئيس السلفادور من سحب كثير من قواعد البيانات الحكومية التي كانت تُستخدم لرصد الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، مما أثار انتقادات بأنه يصنع سردية إعلامية تخدمه سياسيًا.
بوكيلي، الذي يلقب نفسه على منصته “X” بـ”أروع ديكتاتور في العالم”، لا يخجل من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لنفسه وسياساته، إذ أصبح حسابه الشخصي المصدر الأول لإعلانات الحكومة الرسمية، فيما تراجعت الشفافية المؤسسية وتضاءلت أدوار الإعلام التقليدي.
رئيس السلفادور.. بطل وطني أم خطر على الديمقراطية؟
النجاحات الأمنية والاقتصادية المعلنة في عهد رئيس السلفادور لا يمكن إنكارها من قبل أنصاره، إذ يرى فيه البعض زعيمًا “استثنائيًا”، كسر سطوة الفساد، وأعاد للسلفادوريين شعورًا بالأمن والاستقرار.
لكن في المقابل، يشير المدافعون عن حقوق الإنسان إلى تضييق الحريات، وانتهاك الضمانات القانونية، وغياب الشفافية.
كما أن تحالفه مع ترامب عزز صورة “الرجل القوي”، لكنه أيضًا ألقى بظلاله على مستقبل العلاقات الديمقراطية والمؤسساتية في البلاد.
يمكنك أن تقرأ أيضًا:
السبب وراء توتر العلاقات بين الجزائر وفرنسا وتبادل طرد الدبلوماسيين
إنفوجرافيك| تركيا والاحتلال في سوريا.. قصة الصراع على القواعد
مع دخول الحرب عامها الثالث.. السودان يواجه أكبر كارثة إنسانية في العالم